قصيدة: الشعراء // بقلم: نادية نواصر

 قصيدة: الشعراء

بقلم: نادية نواصر


عندما يرحل الشعراء

لا يقرعون اجراس  الرحيل

خوفا على حبيباتهم

وهن على رصيف الذكرى يلتقطن خطواتهم

يخبئن المساءات في حقائب من حرير

عندما يرحل الشعراء

يبكيهم  من تقاسموا معهم جرح الرماح في الظهر

والضالعون في النفاق

يثبتون اقنعتهم جيدا

كي يتقنوا قصائد  الرثاء

هؤلاء لملموا ماتبقى من جسد القصيدة

رسمو نجمتهم الاخيرة على سماء الوهم

كتبوا الحياة وهم يمرون  بالقرب منها

فالشاعر قبل الرحيل يتملى خطاه عن غير قصد

يتهجى اخر الكلمات في ابجديات  النص

يرتب التاريخ

اخر الترتيبات منفاه الجميل

ذلك المشرغ باتجاه القصيدة

والتراتيل التي عاينت خطاه

ترهقه بشحنة السؤال:

ماذا نقول ايها المنفي الغريب في وطنه؟

للذين يحسنون التنكر للشرعيين...

الشاعر قبل رحيله

يرتب التاريخ على طاولة السراب

يرتشف اخر رشفة من كوب العمر

اخر القبلات له تكون على صدر القصيدة

يستوي في فراش الارق ثم ينام منهكا باحلامه

على امل ان يغني غدا كعادته

مؤمنا باخر خيط لليل

وهو يقص  على الصباحات رؤاه

مدركا ان الشعراء الذين عشقوا اوطانهم

ماتوا بسكين الغربة 

وحرائق الحنين

الراسخون في شوقهم اليه

انتظروا رائحة الطين طويلا

في محطات الذهول وما وصلوا

يرفعون ابتهالاتهم الى السماء السابعة

كيف يدخلون وجاهة القصيدة

باصواتهم المصادرة للصدى؟!

كيف يغنون في سماء رمادية اللون

هم الذين حلقوا خارج السرب

تمردوا على المدار المعتاد

واعلنوا اتفاقهم مع قبصة الريح

في حضور الجنون المسمى

وفي زمن صهلت فيه نصوصهم

كحصان يركض في براري الشك

ملتمسا يقبن معناه

هل كانت نصوصهم معارج المحنة؟!

ام انها عبق الجرح الذي اينع على تلال الوجع

الشعراء حين يرحلون

يلخصون الصباحات التي مشت بهم الى قهر القصيدة

يشرحون الموت على انه صفعة تباغت الحلم

وضربة ريح ...

روح تتوارى خلف فلسفة اخرى 

زئبقية المعنى والمضمون

السيف المسلول من غمده

يوقض فيهم رغائب الترتيب

نوع اخر من الكتابة  ينمو خلف برزخ  العمق

القصيدة منفاهم الاول والاخير

يرحلون وتقيم فصائدهم في ردهة التاريخ

مزهوة بما خبأته الذات المطعونة في فرحها

الشعراء قبل ان يرحلوا يشرعون نافذة  القلب

تلك المطلة على خطوات حبيباتهم

وهن بعبرن الممر

يغازلن الشارع برنين خلاخيلهن

وهم في موكب الوداع الاخير يرسلون لهن القبلات على بعد شهقة..يعلقون لهن  رسائل الشوق المشفرة على حافة اخر اللحظات

يوصدون نوافذهم ويعودون الى نومهم الابدي العميق

وعلى صدورهم وشم  حزين

واخر دمعة ..

وعند اول خيط للنور تنعي النشرات موتهم

يكتبون في اعلى جبين الجرائد

عاش البطل.. مات البطل ووحده التاريخ من سيحملهم وجعا في حبل الوريد...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلنا نحبه (حكاية ايقاعية باللغة الصحفية) // بقلم ..مرقص إقلاديوس

نواح الآهات // بقلم المهندسة مهى سروجي