حياة بعد موت // بقلم غادة الأحمد

 حياة بعد موت

🍁🍁

استفاقت فرائسي وذهول سيطر على إدراكي  ،عرق تصبب ولغزارته أغرق عيوني التي أصبحت للحظات تبحث عن بصر أخذ نوره ذاك العرق اللعين الحارق، الذي استمد قسوته من المنام الذي بعثته الحياة من جديد بعد أن فارقني .

صرخت بصوت زلزل من هم حولي .. وكأنهم أموات انتشلتهم صعقة البعث من فِراشهم. ..!!

صرخت لأتاكد بأنني كنت في منام ..؟ أحضر لي زوجي كأس ماء لم اشرب منه ، بل اخذت أضعه على عينيَّ ليبرِّدَ نارهماثم بدأت تتوضح صورة طفلي ذي الوجه المُصّفر خوفا عليَّ ..!! أخذ زوحي يسألني ماذا حدث لك..؟!!

هل منامك مزعج لهذه الدرجة؟؟

وقبل أن يوجه سؤالا آخر هرعت مسرعة إلى الغرفة التي هجرتها سنين طويلة فتحت بابها دون خوف بحثت عن آخر دفتر لي .

 مسحت غبار العُزلة والهجران وأنتابني بعض الخوف عندما وجدت نفس القلم الذي كنت قد دونت فيه كتاباتي  روايتي الأخيرة..

 التي كانت بكل تفاصيلها سبب ابتعادي عن الكتابة ..!! لأن استشراقي كان قويا  لدرجة انني اعيش كل ما يخطه قلمي وكم تكوى قلبي بنيران سنوات من الأوجاع والخوف والموت ... 

كلا..لا شيء يشبه الموت ،بل نحن نعيش أكبر مفردة كاذبة عندما نقول بأننا نحب الموت -عندما نتعرض لضغوطات. ..!!نحن نكره الحرب لأنه يحمل بين يديه الهلاك والموت .. ونحارب الفقر، ونعمل بكل قوتنا كي ننال لقمة ترد لعروقنا الحياة فزعا من الموت جوعا ..!!

بل نحن على استعداد لشرب مياه البحر مع معرفتنا المسبقة بانه لا يصلح للشرب، ويحمل لنا الموت البطيء ..إلا أننا نقبل شربه مضطرين عله يبقينا على قيد الحياة ما أمكن .

ندخل غرفة العمليات ونحن على علم مسبق بأن نسبة نجاحها لا يتعدى الواحد بالمائة  ونُصر على إجرائها هربا من الموت ..!!

.........

تبسم زوجي مع نظرة تعجب حين وجدني أكتب كلماتي في غرفة أشبه بالمهجورة لا شيئ يدل على إمكانية الجلوس فيها فالغبار تشكل طبقات فوق المكتبة الخشبية والأوراق المبعثرة كأنها عجوز انحنى ظهرها وتستغيث بمن يعينها على النهوض ..!!

 لتعود مكانها في الرّف المخصص لها ،لم اكترث لوجوده كثيرا ولم أجمع أوراقي، بل بقيت أكتب هذه الكلمات التي تدفقت كسيل جارف حُبس لسنوات داخل نبع أغلقَ متنفسه الخوف ..!!


أجل أدركت أن ما كنت اكتبه هو نتيجة قراءة صادقة لكل ما حولي وتحليل عميق فانا مخلوقة يمكن أن أصيب أو أخطئ

وأن القدر لا يكتبه سوا الله تعالى وكان من المفترض أن أكتب وأكتب وأثق بقلمي وصدق إحساسي واستشراقي..

 لا أن أستسلم لخوف قتل إبداعي لسنوات يحمل في خفاياه خوفي من الموت ..!!

بدأت اسأل نفسي بعد ان عاد لي وعيي وإدراكي ،بعد أن حرر منامي قيود إبداعي ،

أين رسالتي التي طالما حملتها بين خلجات قلبي وتلافيف ذاكرتي ،أين انسانيتي التي كنت انثرها نصائح لمن يحتاجها تارة وقصة لتلاميذي تارة أُخرى؟؟!أين إيجابيتي في التفكير والتحليل ؟؟!اين نظرية الحب التي جعلتها منهاج حياة  عَشِقها زوجي وطفلي أين انا ؟؟سأجيب بأن منامي هو أنا هو ذلك الموت الذي أحيا جسدي الميت وهو يرفل بالحياة ..!! وبعث همتي للحياة من جديد نعم الموت ..الذي أدخلني تابوت لم أفكر يوما بأنني سأدخله فعليا في عمري هذا ..أو قبل منذ تركت الكتابة.

تابوت ضم جسدي المنهك خوفا وقلقا حمل بداخله أوجاعي وآمالا قتلها التسويف !!تابوتا أغلق على جثتي التي وصلت حافة القبر وكأنه جسر سهل العبور حيث لا ازدحام ولا عرقلة مرور ..عندما وصل ..حيث مثواي الأخير.

سمعت صوتا  يحدثني بكل ثقة وكأنه يقيم الحُجة عليَّ 

صوتا لن انساه رغم كل الأحاسيس المتشابكة والمتشعبة ..!التي تلخص بأنني أتجه نحو قبري وهذا كفيل بشل كل الكلمات والاحاسيس والاحلام. ..!!صوت اخبرني أني وصلت إلى النهاية ..نهاية مسيرة حياتي حصلت فيها على كل ما تمنيته سواء بيسر العيش أو بمرارته التجارب  المهم أنني حصلت على كل مبتغاي وكفى .

سار القبر خطوة بعد ان انهى صاخب الكلام كلماته المعدودة توقف على باب قبري ليدخلني مرقدي الأخير، فجأة خرج صوتي بنبرة استغاثة ممزوجة بِحُجة كنت طالما رددتها في حياتي رسالة... نعم رسالة بقي لي حلم لم يتحقق ..أجل لم يتحقق الله يعلم أن حلمي أن اكون صاحبة رسالة تنشر الحب والخير في كل الأرجاء ولم تتحقق بعد ،عاد التابوت إلى الوراء مبتعدا عن القبر ،وأفاقت عيناي على حرقة ملوحة العرق الذي يتصبب خوفا من أكثر لحظة ظننت بأني عشت خوفها ..!!

أجل منامي أرسلني إلى واقع .. ازال غبار الجبن والتقاعس، 

منامي أحياني للحظات معنى الموت والحقيقة ،معنى أن تتدخل قبرك وأنت حققت احلام الدُّنيا بيت جميل-أولاد-سيارة-عِلم -ولكن بقي كله خارج تابوتي وحتى خارج ذاكرتي لأنني لم أتذكر أنني سأترك بيتي ولا طفلي ولا حتى سيارتي التي عشت أحلم سنينا بها  حتى ركبتها .


ركبت تابوتا بكل شيء يعبر عن الفراغ ولم يسعفني او يعود بتابوتي وخوفي للخلف ليعيدني إلى الحياة سوى قلم..إنه حلم .. لكن الله بعثني للحياة من أجله ..(حلم )رسالتي التي عدت لأبدأ خط احرف النور فيها ببشارة خُلقت من قلب الموت .

جميل أن نحيا بعد موت ..

نعلن التمرد على كل مايقتلنا ..

نشعل حروف الروح ..

نرتقي إلى أعالي المساحات ..


غادة الأحمد ..🌹🌹💙

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلنا نحبه (حكاية ايقاعية باللغة الصحفية) // بقلم ..مرقص إقلاديوس

نواح الآهات // بقلم المهندسة مهى سروجي