صنيعه من غروره // بقلم حسين بشيني

اماسيكم محبة وامن وسلام 
                       صنيعه من غروره  !
الجزء الأول :
     
 بطل حكايتنا كهل في الخمسين ذو بنية جسدية صلبة، عريض الوجه، جاحظ العينين ، ثاقب النظرات و شديد الفطنة.لم يكن دوما خدوما ولا متواضعا ورغم ذلك كان اهل القرية يقدرونه .
      لا احد من عامة الناس يعرف لماذا ترك صاحبنا وظيفته ولا كيف تغيرت حاله فاصبح صاحب مال واعمال يخوض في ميدان التجارة ويستثمر في  الاكساء الرفيع. افتتح ثلاث محلات لبيع الالبسة والاقمشة فازدهرت تجارته وكثر ماله فقلل من اصحابه.
غدا الرجل يمشي مختالا يتمايل راسه يمنة وشمالا ...لقد تعلق بتلابيبه الغرور والتكبر وعششا وفرخا بنفسه دناءة الطباع  والسلوك المشين والتصرفات الرعناء فاضحى مخزيا يتجنبه الاسوياء.
لم يختر " المعلم"كما يحلو له ان يدعى تلك التجارة لغاية الفائدة المادية المرتفعة فقط بل انه كان يضمر شر الصنائع.لم يكن ذلك سوى اسفل السبل لاستمالة الرخيصات من النسوة واستغلال المغفلات وقليلات الحيلة من الحريفات لاشباع نهمه البهيمي الرخيص .كان يبيعهن بالدفع المقسط بضمان صك او مكتوب معرف تمضينه ، يطلق لهن العنان مطولا ثم ينقلب عليهن مخيرات بين الدفع الفوري او المحكمة.ولا تجد الكثيرات من ذوات الانفس الهشة تحت ضغطه سوى مطاوعته والوقوع في شراكه الوسخ .من ثم ينبري في العبث بهن وتشويه اعراضهن والتعرض بالسخرية لرجالهن .فقد كان يتبجح ويفاخر بافعاله بمجالسه الخمرية يحسب نفسه بطلا هماما ويخيل اليه ان الرجولة والفحولة هي ما ياتيه من نذالة وموت الضمير عنده ...غفل سيدنا عن تقلب الايام وثار الايام ،
لم يكن يستحي من التندر بالاعراض وشرف العباد بل ذهب به غرور الى حد انه اتخذ من احد البسطاء مسليا له في مجلسه فيضحكه او يبكيه على مزاجه ويتخذه هزؤا امام الخلق مقابل كاسات خمر او ورقة نقدية يمسح بها انفه ويرميها ثم يامره بالتقاطها كمصروف جيب وهو يضحك ملئ شدقيه كانما انجز عجبا !!!
  الجزء  الثاني :
بلغ مسامع العامة يوما ان ابنة التاجر المرموق حامل من صعلوك جاهل وتفشى الخبر ...غاب السيد المعتد بصيته المغرور ، الجلف ، اسابيعا. ذات يوم مر بقوم يتسلون امام مشرب بوسط القرية .شاح عنهم بوجهه الذي تعلوه نظرات الكره والاحتقار  ، كان بينهم ذلك الذي جعل منه مادة للتسلية و الضحك لما كان يحسب نفسه ملكا والناس رعاعا...ناداه : يا سيدنا  فلان اين نصيبي من حلوى " الزرير " ، مبارك الحفيد ....
      جلس " امعلم" على حافة الرصيف واحس برعشة فخبأ وجهه بكفيه ومال على جنبه وغشي...هرع له ذلك المسكين بسكر وكوب ماء لكن امره كان قد قضي ....
                                                 
            قصة : صنيعه من غرور
  بقلم  : حسين بشيني

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلنا نحبه (حكاية ايقاعية باللغة الصحفية) // بقلم ..مرقص إقلاديوس

نواح الآهات // بقلم المهندسة مهى سروجي