هاجس الشعر // بقلم عبدو أبو الرميساء

 قصيدة تصور الشعر العربي كأنه بُعِث إنسانا فخرج إلى عالم الأحياء يحاول أن يتحدى كل منافس له وبالصدفة وجد بابا فطرقه فإذا هو باب الشعر القديم وفيه كل رواد الشعر التليد في زمن أوجه وعزه فأنشده حارسه قصائد بعض الفحول فأبهرته بجمالها لكنه تساءل عن مقياس النقاد في تحديد أجود الشعر ليعود ويتأسف على ما آل إليه حال الشعر العربي بعد أن كان من أرقى الفنون الأدبية العالمية.

هاجس الشعر:

طَيْفُ هَذَا الْقَرِيضِ مَرَقْ

يَجُوسُ الدِّيَارَ

يَجُوبُ الطُّرُقْ

يُسَابِقُ ظِلَّ الشَّفَقْ

يَرُودُ الْقِفَارَ

وَيَطْوِي الْأُفُقْ

كَأَنَّهُ سَهْمٌ طَلِيقٌ تَخَطَّى الْبِحَارَ

كَنَجْمٍ بَرَقْ

فَهَلْ قَدْ نَسِي

كِنَانَتَهُ

وَنَبْلًا لَهُ

وَكَفًّا بِهَا قَدْ تَبَدَّى شَرَارَا

وَسَيْلًا بَدَا مِنْ عَلٍ يَنْذَلِقْ

تَحَدَّى قَوَانِينَ أَهْلِ النُّهَى

تَوَخَّى الدَّمَارَ

بِعَيْنٍ تَحُوزُ الزَّرَقْ

تَرَجَّى بِأَنْ يَعْتَلِيهَا السُّهَى

وَيَمْحُو الصَّغَارَ

يُجَفِّفَ دَمْعًا بِهِ قَدْ شَرَقْ

وَيَكْبَرَ يَكْبَرَ دُونَ تَدَنٍّ

وَيَصْبَحَ فَحْلًا يَدُوسُ الْكِبَارَ

يُخَفِّفَ غَلْوَاءَ ذَاكَ النَّزَقْ

فَيُضْحِي عَطَنَّطَ ذَا قَبْضَةٍ مِنْ حَدِيدٍ

وَقَلْبٍ أَشَمَّ تَقَطَّرَ نَارَا

وَسَيْلًا بَدَا مِنْ عَلٍ يَنْذَلِقْ

تَغَشَّى بُوَيْبَ زَمَانٍ مَضَى وَانْقَضَى

وَساَءَلَ حَارِسَهُ مَنْ تَكُونْ

فَقَالَ أَنَا ذُو الْقُرُوحِ أَنَا عَنْتَرَهْ

أَنَا حَارِثٌ فَذُّ هَذَا الْقَرِيضِ أَنَا الْقَسْوَرَهْ

أَنَا الْمُتَلَمِّسُ وَالنَّابِغَهْ

عُبَيْدٌ لَبِيدٌ زُهَيْرٌ وَمَنْ

قَضَى نَحْبَهُ بِأَلْفَاظِهِ السَّابِغَهْ

وَأَعَشَى لَهُ حُجَّةٌ دَامِغَهْ

أَنَا الْمُتَنَبِّي وَأَخْطَلُهُمْ

حَبِيبٌ جَرِيرٌ فَرَزْدَقُ يَتْبَعُهثمْ

وَنَوَّاسُ ثُمَّ عُبَادَةُ بَشَّارٌ وَمَنْ

عَلَا بِالْمَعَرَّةِ يَسْبِقُهُمْ

فَقَالَ لَهُ مَعْذِرَهْ

أَأَنْتَ مِنَ الْأُولِي نَهْجٌ لَهُمْ

كَلَامٌ صَقِيلٌ وَفَذْلَكَةٌ مُسْكِرَهْ

قَالَ إِي

قَالَ زِهْ لَنِعْمَتْ ذِهِ الْعِتْرَةُ النَّضِرَهْ

فَهَلْ لِي بِرُزْنَامَةٍ عَطِرَهْ

مِنَ الشِّعْرِ أَفْصَحَ قَائِلُهُ

عَنْ بُغْيَةٍ لَهُ إِذْ هُوَ قَدْ حَبَّرَهْ

أَتَاهُ بِهَيْلٍ مِنَ السَّمْسَقِ الْمَرْدَقُوشِ وَقَدْ عَصْفَرَهْ

فَزَهْزَقَهُ بِفُتْرٍ نَبِيَّهْ

وَبِالْمِسْكِ قَدْ سَجَّرَهْ

وَضَمَّخَهُ بِعُرْفٍ مِنَ الْبَيْلَسَانْ

وَبِالرَّنْدِ ذَا عَطَّرَهْ

فَرَدَّ بُعَيْدَ الْكَلَامِ الَّذِي أَبْهَرَهْ

أَحَالُ الْقَرِيضِ كَانَتْ ذِهِ

فَمَا بَالُهُ قَدْ غَدَا

كَمِيرَاثِ تِلْكَ الرَّقُوبْ

وَكُلٌّ يَحُفُّ بِهِ مَاتِحًا يَجُرُّ الذَّنُوبْ

وَيُلْقِي مِنَ الْهَيْلَمَانِ كُلَّ الضُّرُوبْ

أَذَا الشِّعْرُ غَدَا مَسْخَرَهْ

يُحَاكِي الثُّؤَاجَ أَوِ الْقَرْقَرَهْ

وَفِعْلَ الصَّبِيِّ بِمَاءٍ وَقَدْ غَرْغَرَهْ

فَأَيْنَ عُكَاظٌ وَمِرْبَدُ أَيْنَ الْكُنَاسَهْ

وَذَاتُ الْمِجَنِّ تَحُوزُ الرِّيَاسَهْ

وَقُبَّةُ ذَاكَ الْأَدَمْ

أَوَقْرٌ أَحَاطَ بِأُذْنِكَ أَمْ ذَا صَمَمْ

فَمَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ إِذَنْ

أَمَنْ قَالَ مَنْ ثُمَّ مَنْ

أَمَنْ بَاتَ يَرْجُو الدِّمَنْ

وَصَوَّرَ مَتْنَ الْكُرَاعِ وَحَتَّى الرَّسَنْ

وَبَاكَرَ طَيْرَ الْفَلَا أَكَنَّتْ بِكُلِّ فَنَنْ

أَمَنْ عَاقَرَ السُّكْرُكَهْ

وَعَالَجَ فَصْدًا لِدَنْ

أَمَنْ شَبَّبَ بِالْوَجْهِ ذَاكَ الْحَسَنْ

أَمَنْ مَسَحَ الْجُوخَ أَوْ نَطَّ كَمُهْرٍ أَرَنْ

أَمَنْ ذَا تَبَاهَا جِهَارًا عَلَنْ

أَمَنْ حَكَّكَ الشِّعْرَ حَوْلًا كَرِيتْ

وَكَانَ لِكُلِّ مَغَابِنِهِ كَالْخِرِيتْ

وَأَوْدَعَ مِنْ هَيْجُمَانِ الْيَوَاقِيتِ كُلَّ نَثِيثْ

فَوَاهًا لِهَذَا الْقَرِيضْ

فَقَدْ كَانَ قِدْمًا شِفَاءَ الْجَرِيضْ

وَأَضْحَى سَفَاسِفَ هَا قَدْ ثَوَتْ فِي الْحَضِيضْ

من وشم يراعة : عبدو أبو الرميساء

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلنا نحبه (حكاية ايقاعية باللغة الصحفية) // بقلم ..مرقص إقلاديوس

نواح الآهات // بقلم المهندسة مهى سروجي