الصبر و الانتظار // بقلم عبدالاله ماهل

الصبر و الإنتظار 

 وقد يطول الإنتظار والموت بالمرصاد

اشتد عليه المرض، وأصبح الأكل لا يكاد يستقر في معدته، حتى يرتد خارجا وعن آخره؛ فتدهورت حالته الصحية، ولم يجدي معه نفعا، لا طبيب ولا عشاب.

استجمع قواه، وتوجه الى اقرب طبيب مختص. 

أذعن للتسعيرة مكرها لا راضيا، وخضع وبمكتبه، وبدون تخذير، الى كشف بالمنظار؛ ليتمخض عنه ظهور انسداد في المعي ناحية الإثني عشر، مما يستوجب معه وعلى وجه الإستعجال، إجراء عمليه جراحية.

 خاف على نفسه من السقوط ضحية الطبيب وتلاعبات المصحات الخاصة؛  فانعرج جهة المستشفى الجامعي.

وبعد سير وجيء، أسلم روحه بين أيادي طلبة من كليه الطب؛ ليخضع تانية للكشف بالمنظار ومن ثم يعرض على أنظار البروفيسور، ما خلص اليه الكشف.

غير ان البروفيسور، كان له رأي آخر؛ فقرر الوقوف شخصيا  على حالته.

لكنه وللأسف، اصطدم بعطل بالمنظار، مما استدعى إرجاء حالته الى حين.

طال به الإنتظار ولا حيلة له سوى الإنتظار والإنتظار...، حتى أصبح  يخيل اليه، أن تمة ذريعة مفتعلة، حيكت ضده للتخلص منه بأدب. 

وعلى غير غرة، خطرت بباله فكرة، سرعان ما تبلورت في ذهنه، فقام من توه وحرر رساله قصيرة، أذاعها عبر وسائل التواصل الإجتماعي، من خلالها يناشد المسؤولين التدخل لدى إدارة المستشفى، لإصلاح ذلك العطب الذي ألم بالمنظار، وتسبب في تضرر آلاف المرضى من كل صوب وحوب.

لم يتأخر الرد كثيرا؛  وذات يوم وعلى غير العادة، طرق الباب عون السلطة المحلية؛ ليبلغه بضرورة مراجعة المستشفى لأمر يهمه.

وأخيرا خرجت الإدارة عن صمتها رغما عن أنفها. 

توجه إلى المستشفى وكانت المصلحة الإجتماعية في استقباله. 

وفورا، عرض على أول بروفيسور تصادف عرضا وجوده هناك، ليحيله على طلبة تحت إمرته، وكأنها سنة دأبوا عليها من خلالها، يعتبر كل وافد على المستشفى، بمثابة حقل تجارب؛ ليتبين لهم بعد إجراء الكشوفات، آخرها وبالمنظار وفي حاله تخدير، أن تمة انسداد في المعي من ناحيه الاثني عشر، يستوجب فحصا بالأشعة تمهيدا لإجراء العملية الجراحية، وكأنهم يعيدون تحصيل الحاصل.

تنفس الصعداء، وأيقن أن الشفاء أصبح على مرمى حجر منه.

...غير أنه تعذر عليه الأمر هنا، وبمختبر المستشفى لعلة عدم توفر ذلك السائل، الذي ولا بد منه، والذي من خلاله تتمكن الأشعة من رصد مساره.

فسارع الى أقرب مختبر خصوصي، عله يجد ضالته هناك، إلا أنه وللأسف، اصطدم بانقطاع ذلك السائل، وعلى ما ينيف عن ثلاثة سنوات عن البلد ككل.

راجع البروفسور عله يستبدله بآخر، لكن بدون جدوى.

طارت طائرته واسودت الدنيا في عينيه، فترأى إليه التهليل بمبدأ الصحة، مجرد أحجية للضحك على ذقون الرجال.

رجع الى نفسه وإيمانا منه، إنه اذا ظهر السبب بطل العجب، والحالة هذه أن عيبه غدا واقعا، وأن تجاهله جريمة في حق ذاته، ليخضع معدته وعن آخرها، لحمية غذائية حرمته من الكثير ولكنها أراحته من الكثير.

ولا حيلة له سوى التحلي بالصبر... والإنتظار...

عبدالاله ماهل 

المغرب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلنا نحبه (حكاية ايقاعية باللغة الصحفية) // بقلم ..مرقص إقلاديوس

نواح الآهات // بقلم المهندسة مهى سروجي