باقة ورد التوليب الأحمر // قصة بقلم أ . نظير راجي

(     باقة ورد التوليب الأحمر     )
____________________________

في بلد عربي تأكله الحرب😭😭😭

في أول تعارف بينهما، أهداها باقة ورد، من ورد التوليب الأحمر.
تكرر هذا المشهد في حفلة خطوبتهما، فالزواج، وبمناسبة وغير مناسبة.
عشقت هي بدورها هذا الورد، كان كل مرة يقدم لها هذا الورد يضعه في يده اليمنى خلف ظهره، ثم يقف مقابلها مبتسما
فتصيح هي مع ضحكة جميلة، وتقول:_ورد التوليب!
كان هو  الآخر يرد عليها كل مرة(التوليب للحبيب).تأتي
خلفه، وتنزع باقة الورد من يده اليمنى، ثم تعود مقابله فتغمض  عيونها، وتمد يديها، فيتقدم هو اليها، ويقبّلها، ثم
يحضنان بعضهما ويتعانقا بحرارة.
هكذا كانت الديباجة، وكانها وظيفة عسكرية منضبطة دوما.
_
أستدعي الحبيب للجبهة على عجل، ودع زوجته بالدموع
وقالت، وهي تصطنع ابتسامة:_انتظر عودتك بورد التوليب.
إلتحق برفاقه، غاب عدة شهور، لم يعرف ان زوجته حامل.
لم تنتهي الحرب، لكنه هاتفها بأنه سيعود.
كانت تنتظر قدوم زوجها وحبيبها على أحر من الجمر، خاصة
أنها جعلت موضوع حملها هدية له لتفاجئه حينما يحضر.
_
في صبيحة يوم ماطر، هرول أحد أطفال الجيران، ليبشر
الزوجة، بأنه شاهد زوجها، بلباسه العسكري في طريقه للبيت.
خرجت الزوجة مسرعة، رغم أنها حامل، لم تنتظر وصوله.
كانت ملهوفة للقاء الزوج الحبيب.
كانت تتشوق لعناقه وقبلاته، ولهيب انفاسه.
طلّ من بعيد، ركضت باتجاهه، لكنه ظل يمشي الهوينا.
كان يلبس خوذته الحربية، ومعطفه العسكري الشتوي الطويل.
إقتربت منه، وقفا مقابل بعضهما البعض، يده اليسرى تحمل
حقيبته، ويده اليمنى خلف ظهره.
صاحت بفرح:_
حبيبي.. والله زمان يا عمري، لم تنساني حتى بالحرب، إنك عدت تحمل لي مفاجأتك(ورد التوليب).
أغمضت عيونها تنتظر منه الإياب.
إنها عطشى، ومن شفتيه الشراب.
قالت:_بالله عليك، شفتاي الا تأخذ الألباب؟
توقعت ان يقول عسل، لكنه ما أجاب..
ولم تسمع رنين صوته المنساب..
ثم قالت:_عندي الرضاب.. شهدا وعسلا مذاب..
وقدمت له شفتيها، كسجادة حمراء، ولتقدم له  الترحاب.
لكنه لم ينطق ببنت شفة، وراح يتمتم كمجموعة اوشاب..
لم يكن صوته دوي نحل، بل طنين ذباب.
كان امامها حاضر، لكنه مسجلا بخانة الغياب.
_
أخذ يتراجع للخلف، وجهه إسود، وغابت الابنسامة التي كان
قد رسمها على وجهه، لتنقلب الى تكشيرة.
ساعتها.. هي تسمرت في مكانها، لكنها حاولت ان تتقدم
لعناقه، هز راسه للأعلى علامة الرفض، والدموع أخذت تنهار
مدرارة على خدوده.
قالت:_
انني انتظر ان استمع منك قبل ان تحضنني قولتك، التي
تطرب لها أذني(التوليب للحبيب).
ابتسم وبكى، وكما قال الاخطل الصغير:_
ببكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا
                        كعاشق خط سطرا في الهوى ومحا..
تمسمر كل منهما مكانه، هي راحت تقول في سرها:_
ماباله، كان دوما يقبل ثغري، خمرا..... من قدحا..
والآن يقلب قلبي، شطرا.... بحجر الرحى!
كان بيد يطبطب علي، فيصير وردي زهرا و قَحا..
والآن بيد دحا وطحا.. فكم كان التغير وقٍحا..
حتى استحى الضحى قُطرا، فانتحا وصحا.
وراح به الديجور نحرا. حتى ذبحا..
وما بال قلبه مازال وما برحا..
يفتح لي جرحا، ثم يغني برحا..
وما به تجلى عن قلبي و نحا.
مثل من تخلى عن اللب، وأبقى له اللحى.
او كمثل قلم رصاص، تراه قام وانبطحا..
من جهته تراه قد كتب، وقد رجحا..
ومن جهة تراه، نحا ثم جحا ومحا..
_
دارت الزوجة كالمعتاد خلف ظهر حبيبها، لتنتزع من يده
اليمنى باقة الورد،ثم تعود تحضنه.
وجدت رُدن(كُم) المعطف اليمين، ملتفا للخلف، ومعلقا على
حزامه العريض.
لا توجد باقة ورد، بل لا توجد يد بالأصل، يده مبتورة من
الكتف، وردن فارغ مثبتا بالخلف، تحركه الريح.
عادت تقابله، اراد ان يكفكف دموعها بيده، تذكر أنه أكتع.
يده بترت بالحرب الملعونة بين الأشقاء.
كفكف دموعها بفمه.
قال لها كما قال ياكوفسكي...
سارعى جسدك، مثلما يرعى الجندي الذي فقد في الحرب يده الوحيدة.
__
أ . نظير راجي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلنا نحبه (حكاية ايقاعية باللغة الصحفية) // بقلم ..مرقص إقلاديوس

نواح الآهات // بقلم المهندسة مهى سروجي