دموع في علب الحلوى // بقلم محمد موفق العبيدي

دموع في علب الحلوى

في كل عام...

في يوم من أيام هذا العام...

تنبش الذكرى أرض الروح بمخالب الموت... الذي زاركِ في مثل هذا اليوم من العام...

ليسلبني إياكِ ...

يأخذكِ إلى متاهات الآمال المقبورة والتي تضل فيها العقول قبل القلوب ...

في هذا اليوم... أجمع كل أشياءكِ الصغيرة... وآثاركِ التي تركتها لدي...

ابدأ بتفحصها بتأني وكأني أراها لأول مرة ....

أشعر وكأن الروح قد عادت لها... وبدأتْ بإعادة سرد ذكرياتها عنكِ ... فقارورة عطركِ تبكي عبيركِ المفقود... الذي كان يملأ الدنيا حولي...

أُحس بوجودكِ حتى وأنتِ راحلة ... فعطركِ الذي أنطلق من قارورة عطر الذكريات يجسدكِ أمامي في كل ذكرى ...

صندوقكِ الخشبي الجميل... ألذي كنتِ تحتفظين بكل صوركِ فيه ....

ألذي هو عندي بمثابة حياة صامتة ... لقد كنتِ أنتِ محور الصور الصامتة...

كانت البسمة لاتفارق شفتيكِ الورديتين ... كثير من الأصدقاء كانوا حولكِ وكنتِ أنتِ حولي ...

ملأت حياتي أملاً أخضراً أشعرني  بأن الحياة ستدوم ...

لكن حين يحضر الموت تهرب كل الآمال الخضراء ....

كان من بين أشياءكِ أيضا..

كتاب حب .... يحوي مائة قصيدة حب لنزار قباني...

أهديتكِ إياه في إحدى قمم انفعالاتي...

في لحظة عجزت فيها عن أن اعبر لكِ عن ما في قلبي من عشق وهوى فجعلت نزار قباني رسولي إليكِ...

طلبتُ ان تكون حروف قصائده حراسًا حول فراشكِ ... ووضعت خطوطاً زرقاء تحت كلمات الحب في كل القصائد المائة...بقيت أنتظر ردكِ على هديتي... و إذا بكتاب الحب نفسه يعود إلي وقد طبعتْ شفتاكِ بصمتها على كل كلمات الحب التي وضعت خطوطي تحتها ...

ها أنا اليوم أقلب صفحات الكتاب وأطبع قبلة فوق كل بصمة لشفتيكِ وكأني أقبلكِ رغم تباعد المسافات بيننا ...

كنت رقيقة في كل شيء...

كنت حبيبتي في كل شيء ...

كنت أحلامي عندما أنام ...

كنت فرحتي عندما أستيقظ ... كانت الحياة كلها تؤدي إليكِ...

الان بعد هذا الزمن القاسي ...

تتركيني أعاني ثقل الإحتفال برحيلكِ الحزين ..

الذي أطفأ شعلة الرغبة في الحياة داخلي...

نعم...أحتفل برحيلكِ... تكون أشياءكِ بجانبي و احاكي صورتكِ التي تتوسط الشموع... التي دموعها تملأ المساحات التي بين اشياءكِ... كنت تحبين الأطفال كثيرًا ... وكنتِ في مناسبة عيد ميلادكِ من كل سنة ....

 تصنعين الحلوى ... وتصنعين علب الحلوى التي تزينيها برسوم من خيالاتكِ... توزعين علب الحلوى على أطفال الشوارع... الذين يهرولون خلفكِ وأنتِ كالفراشة بينهم...

تتركين قبلة على جبين  كل طفل منهم...وأنا في هذا العام سأوزع الحلوى بنفس علب الحلوى التي كنتِ توزعين بها ...

لكني هذه المرة ...

سأزرع دمعة في كل علبة ...

وفاء لروحكِ الغالية...لتضيء عيون الأطفال...

ليروا نور الأمل... الحارس لهم... من أعماق الفضاءات الأثيرية...

 يكيفني أن يتذكروا ابتسامتكِ... عندما كنت تطبعين القبل على جباههم... ويتذكروا دموعي في علب الحلوى ....

محمد موفق العبيدي/ العراق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلنا نحبه (حكاية ايقاعية باللغة الصحفية) // بقلم ..مرقص إقلاديوس

نواح الآهات // بقلم المهندسة مهى سروجي