فارتاحت و أراحت // قصة من تأليف: ذ.عبدالاله ماهل

الطفل...فارتاحت وأراحت

حاولت الأم، مرارا وتكرارا، أن تستميل صغيرتها صابرين، ناحية وجبات غذائية، تعفيها عناء ما تتكبده من آلام، جراء مص وعض، دأبت عليه منذ نعومة أظافرها، ولم تحد عنه أبدا، وهي على وشك سنتها التانية.
عافت صغيرتها كل شيء، ولم ترغب كبديل عنه، غير حليب أمها وحده دون سواه، حتى غدا لا يحلو لها المقام إلا بين ثنايا حضن أمها.
كبرت الصغيره وزادت شقاوتها، ولا سبيل لردعها وكبح جماحها، سوى مجاراتها والإذعان لمشيئتها. فرضت نفسها ضدا على إرادة الوالدين وعلى فراشهما، وكأنها ضجرت من قعدتها بذلك الحيز الضيق من المهد.
 ألهت أمها عن أشغال البيت، وطردت النوم من أجفانها، أرقتها، قضت مضجعها، فما تكاد تستقر في حضن اأمها، حتى تستلقي بين ذراعي والدها.
عانت الأم الأمرين وهي تحاول فطامها، بين إحجام وإقدام.
باءت جميع محاولاتها بالفشل مما استدعى تدخل حماتها، وعلى الفور وبطرق تقليدية، كان الخلاص على يديها.
تخطت الأم، وبشق الأنفس، مرحلة فطامها، إلا أنها سقطت في أمر تدبر إبعادها عن فراش الوالدين.
...فكرت مليا، ولم تجد من حرج سوى الاستنجاد بمعلمتها داخل الفصل، وذلك خلسة منها، وكلها أمل في مخرج وبأقل الأضرار.
لم تدخر المعلمة وسعا إلا وبذلته، معتبرة أن هذا الموضوع مسألة، تستوجب درسا بالكامل وتلميحات على الدوام. حتى أصبح يخيل  للصبية أن الموضوع يعنيها هي بالذات.
آنذاك، سرعان ماتتورد وجنتيها وتصاب بالخجل لتطفق تتستر وراء زميلاتها في الفصل.
ورويدا رويدا، أخذت تتحاشى فراش الوالدين،
 لتجد لنفسها، رسميا، مضجعا وسط إخوتها.
فارتاحت واراحت...
تأليف: ذ.عبدالاله ماهل
              من المغرب


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلنا نحبه (حكاية ايقاعية باللغة الصحفية) // بقلم ..مرقص إقلاديوس

نواح الآهات // بقلم المهندسة مهى سروجي